في ظل تزايد المنافسة على استقطاب اليد العاملة الماهرة من خارج الاتحاد الأوروبي، بدأت ألمانيا في اتخاذ خطوات جديدة لجذب العمالة المتخصصة من مختلف البلدان، وخاصة المغرب. تأتي هذه التحركات الألمانية وسط تنافس محتدم مع بريطانيا، التي أصبحت وجهة مفضلة للعديد من المهاجرين بفضل لغتها الإنجليزية والضرائب المخفضة. ألمانيا تدرك الآن التحديات التي تواجهها وتسعى إلى تقديم إغراءات ضريبية جديدة للشباب المغربي للهجرة إليها، مما قد يغير الخريطة الديموغرافية لسوق العمل الأوروبي في السنوات القادمة.
خفض الضريبة كحافز جديد
قامت الحكومة الألمانية بإطلاق “مبادرة النمو” التي تسعى من خلالها إلى تقديم حوافز ضريبية مغرية لتشجيع العمل في ألمانيا. وفقًا لتقرير من الخدمة التلفزيونية الإخبارية “Tagesschau”، سيستفيد العمال المهرة المهاجرون الجدد من إعفاءات ضريبية تصل إلى 30% و20% و10% من إجمالي أجورهم في السنوات الثلاث الأولى من عملهم بألمانيا. هذه الخطوة تأتي ردًا على تزايد هجرة اليد العاملة الماهرة، خاصة من الهند، نحو بريطانيا بسبب تعقيدات اللغة الألمانية والضرائب المرتفعة.
دعوة للبقاء: جهود الحكومة الألمانية
لم تقتصر الجهود الألمانية على تقديم حوافز ضريبية فقط، بل شملت أيضًا دعوات مباشرة للعمال المهرة للبقاء في ألمانيا. فقد طلب هوبرتوس هايل، وزير العمل الألماني، من الطلاب الهنديين أثناء زيارته لإحدى الجامعات عدم الهجرة إلى بريطانيا والبقاء في ألمانيا، مؤكدًا على الجهود المبذولة لتحسين ظروف العمل والمعيشة.
اقرأ أيضا: العمل التطوعي في أوروبا: فرصة التطوع في رومانيا مع إقامة شاملة
العمالة المغربية: المستهدف القادم
في سياق الجهود الألمانية لجذب العمالة الماهرة، تبرز العمالة المغربية كهدف مهم. رغم غياب أعداد رسمية أو تقارير حكومية من المغرب وألمانيا حول هذا الموضوع، إلا أن تصريحات وزراء في حكومة الرباط تشير إلى أن اليد العاملة الماهرة المغربية تستهدف بعروض مغرية، خاصة في مجالات الطب والتكنولوجيا.
ألمانيا والمغرب: شراكة طويلة الأمد
تعود جذور التعاون بين ألمانيا والمغرب في مجال العمالة إلى الستينيات، حيث كانت هناك اتفاقيات حكومية لاستقطاب اليد العاملة المغربية. ومع تزايد معدلات الشيخوخة في أوروبا، كانت سنة 2015 نقطة تحول مهمة حيث بدأت ألمانيا في استقبال ملايين المهاجرين، خاصة من سوريا، لسد الفجوات في مجالات الطب والتكنولوجيا.
تحفيز جديد: سد الفجوة
مع مرور الوقت، لاحظت ألمانيا أن شركاتها بدأت تفقد اليد العاملة الماهرة، مما أدى إلى حدوث خصاص مهول في السنوات الأخيرة. تسارع الحكومة الألمانية الزمن لسد هذا الخصاص من خلال تقديم تحفيزات ضريبية جديدة. بحسب تصريحات حسن جفالي، أستاذ باحث في مجال الهجرة، فإن هذه التحفيزات ستزيد من رغبة اليد العاملة المغربية في العمل بألمانيا.
اللغة: حاجز زائل
رغم تعقيدات اللغة الألمانية، إلا أن هذا الحاجز أصبح أقل تأثيرًا بفضل الجهود المبذولة لتوفير مراكز لتعليم اللغة الألمانية في المغرب. برلين وضعت العديد من مراكز اللغة في أيدي الطلبة المغاربة في العديد من مدن المملكة، مما يسهل عليهم الاندماج والعمل في ألمانيا.
اقرأ أيضا: العمل كحلاق في كندا: فرصة عمل براتب 17 دولار في الساعة
تسهيلات إضافية: إجراءات التأشيرة
إلى جانب التخفيضات الضريبية، تسعى برلين إلى تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات أمام اليد العاملة الأجنبية. في يونيو المنصرم، أكدت الخارجية الألمانية على تبسيط هذه الإجراءات، مما يزيد من جاذبية ألمانيا كوجهة للعمال المهرة.
اتفاقيات جديدة: تعزيز التعاون
في نفس السياق، أعلنت نانسي فيسر، وزيرة الداخلية الاتحادية في ألمانيا، عن إبرام اتفاقيات للهجرة وجلب العمالة الماهرة مع مجموعة من الدول، من بينها المغرب وجورجيا وكولومبيا. هذه الاتفاقيات تهدف إلى تعزيز التعاون بين ألمانيا وهذه الدول لتسهيل انتقال اليد العاملة الماهرة.
الرغبة في الهجرة: العوامل المحفزة
رغم التحديات، لا يرى خالد الصمدي، كاتب الدولة السابق المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، أن اللغة أو الضريبة كانت حاجزًا أمام الرغبة الواضحة لليد العاملة المختصة في المغرب للهجرة نحو أوروبا وبلدان أخرى. الصمدي أضاف أن هناك مدن مغربية توجد بها اتفاقيات توأمة مع مدن ألمانية لتدريس اللغة الألمانية بها، مما يسهل ولوج الطلبة أو اليد العاملة المختصة نحو برلين بسلاسة.
الختام: تحفيز إضافي
خلال السنوات القادمة، من المتوقع أن تستمر ألمانيا في تقديم المزيد من التحفيزات لجذب العمالة الماهرة. خفض الضريبة يمكن أن يكون محفزًا إضافيًا للعمالة المغربية للذهاب نحو ألمانيا. الرغبة في الهجرة موجودة بقوة، وخاصة في مجال الطب، حيث يسعى الكثير من الخريجين للحصول على شهادات اللغة الألمانية والعمل في هذا البلد الأوروبي.
المصدر
المصدر الأساسي لهذه الأخبار هو الخدمة التلفزيونية الإخبارية “Tagesschau” التابعة لشبكة التلفزيون “ARD”. للمزيد من التفاصيل، يمكنك الاطلاع على التقارير والمقالات المتعلقة بالموضوع من خلال زيارة موقع “Tagesschau” أو متابعة أخبار وزارة العمل الألمانية.
الأسئلة الشائعة
ما هي الإغراءات الضريبية الجديدة التي تقدمها ألمانيا للعمالة الماهرة؟
ألمانيا تقدم إعفاءات ضريبية تصل إلى 30% و20% و10% من إجمالي أجور العمال المهاجرين في السنوات الثلاث الأولى من عملهم.
كيف تسعى ألمانيا لتسهيل إجراءات التأشيرة؟
ألمانيا تعمل على تبسيط إجراءات الحصول على التأشيرات للعمالة الأجنبية من خلال تسهيل الإجراءات الإدارية وتوقيع اتفاقيات مع دول مثل المغرب.
هل تعقيدات اللغة الألمانية تشكل حاجزًا أمام العمالة المغربية؟
رغم تعقيدات اللغة، إلا أن ألمانيا توفر مراكز لتعليم اللغة الألمانية في المغرب، مما يسهل عملية الاندماج والعمل.
ما هي الدول التي أبرمت ألمانيا اتفاقيات معها لجلب العمالة الماهرة؟
ألمانيا أبرمت اتفاقيات مع دول مثل المغرب وجورجيا وكولومبيا لجلب العمالة الماهرة.
كيف تؤثر التخفيضات الضريبية على قرار الهجرة؟
التخفيضات الضريبية تعتبر عامل جذب إضافي للعمالة الماهرة، مما يزيد من رغبتهم في الهجرة والعمل في ألمانيا.
ختامًا، تعد هذه الخطوات التي تتخذها ألمانيا جزءًا من استراتيجية شاملة لجذب العمالة الماهرة من مختلف البلدان، وخاصة المغرب، لتعزيز اقتصادها وسد الفجوات في سوق العمل. مع تقديم هذه الحوافز، يبدو أن ألمانيا على الطريق الصحيح لجذب المزيد من اليد العاملة الماهرة في السنوات القادمة.
اقرأ أيضا: العمل التطوعي في أوروبا: فرصة التطوع في رومانيا مع إقامة شاملة