وافق مجلس الاتحاد الأوروبي والبرلمان الأوروبي بتاريخ 17 يونيو 2025 على تعديل مهم يتعلق بإمكانية تعليق نظام الإعفاء من التأشيرة لدول العالم الثالث التي يسمح لمواطنيها بالسفر إلى منطقة شنغن دون تأشيرة. الهدف من هذا التحديث هو منح الاتحاد الأوروبي أدوات أقوى وأكثر مرونة للتعامل مع إساءة استخدام نظام الإعفاء من التأشيرة أو عندما يتعارض هذا النظام مع المصالح السياسية والأمنية للدول الأوروبية.
التعديل الجديد يوسع أسباب تعليق الإعفاء، حيث تم إدراج مجموعة من العوامل الجديدة التي يمكن أن تُستخدم كمبرر لتعليق هذا النظام، من أبرزها عدم توافق سياسات التأشيرة بين الدول الثالثة والاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يؤدي إلى تدفق كبير للمهاجرين غير النظاميين. الاتحاد الأوروبي يعتبر أن عدم توافق سياسات التأشيرة قد يشكل ثغرة تُستغل للعبور إلى دول شنغن بطرق ملتوية.
كما أصبحت الدول التي تطبق برامج منح الجنسية مقابل الاستثمار تحت المراقبة الشديدة، إذ يرى الاتحاد أن مثل هذه البرامج قد تفتح الباب أمام أشخاص لا يتم التحقق من خلفياتهم الأمنية بشكل كافٍ، ويستفيدون من جوازات سفر هذه الدول للسفر إلى أوروبا بدون تأشيرة، مما يشكل تهديداً أمنياً غير مباشر.
التعديلات لم تقتصر على الجوانب الأمنية فحسب، بل شملت أيضاً الاعتبارات السياسية. إذ بات من الممكن تعليق الإعفاء من التأشيرة في حال حصول تدهور في العلاقات الثنائية بين الاتحاد الأوروبي وأي دولة ثالثة. كما تم إدراج ما يسمى بـ”التهديدات الهجينة” كعامل جديد، وتشمل هذه التهديدات التدخلات الرقمية، الهجمات السيبرانية، والتضليل الإعلامي الذي تقوده دول معادية.
واحدة من التغييرات الجوهرية في النظام الجديد هو تمديد فترة التعليق الأولي للإعفاء من التأشيرة من 9 أشهر إلى 12 شهراً، ما يمنح المفوضية الأوروبية وقتاً أطول للتفاوض مع الدولة المعنية ومحاولة معالجة الخلل. كما أن التمديد ممكن لمدة إضافية تصل إلى 24 شهراً، أي أن التعليق قد يستمر لمدة إجمالية تصل إلى ثلاث سنوات، وهو ما لم يكن معمولاً به في السابق.
خلال فترة التعليق المؤقت، تكون الفرصة متاحة للدولة الثالثة المعنية لتصحيح سياساتها والامتثال لمتطلبات الاتحاد الأوروبي. وإن لم تُبذل الجهود الكافية أو لم يتحقق أي تقدم، يمكن حينها تحويل التعليق المؤقت إلى دائم، مما يعني إلغاء نظام الإعفاء من التأشيرة بالكامل، وعودة مواطني تلك الدولة إلى تقديم طلبات تأشيرة مسبقة لدخول دول شنغن.
الاتحاد الأوروبي أضاف أيضاً حدودًا ومعايير واضحة لتحديد الحالات التي تستدعي تعليق الإعفاء. فمثلاً، تم وضع نسب معينة لطلبات اللجوء، أو مخالفات تتعلق بالإقامة غير القانونية، وإذا تم تجاوز هذه النسب، يمكن حينها تفعيل آلية التعليق. هذه الخطوة تهدف إلى ضمان الشفافية وتفادي استخدام الآلية بطريقة عشوائية أو سياسية.
التعديلات الجديدة ستؤثر بشكل مباشر على عدد من الدول التي تستفيد حالياً من الإعفاء من التأشيرة. فالدول التي تُظهر مؤشرات على إساءة استخدام النظام، سواء من خلال تساهل في منح الجنسية، أو عبر ضعف التنسيق الأمني مع الاتحاد الأوروبي، ستجد نفسها معرضة لإعادة فرض التأشيرة على مواطنيها.
كذلك، يُتوقع أن تؤثر هذه الإجراءات على خطط السفر لمواطني هذه الدول، الذين قد يضطرون لاحقاً إلى التقديم على تأشيرة شنغن عند الرغبة في زيارة أوروبا، وهو ما يعني إجراءات أطول وتكاليف إضافية وتأخير في ترتيبات السفر.
التشريع الجديد يُظهر بوضوح أن الاتحاد الأوروبي لم يعد يكتفي بمجرد توقيع اتفاقيات إعفاء من التأشيرة، بل يسعى لضمان أن تكون هذه الاتفاقيات قائمة على أساس التعاون المتبادل، التناسق في السياسات، والاحترام الكامل للمعايير الأمنية والدبلوماسية.
على المستوى الفردي، من المهم أن يتابع المواطنون من الدول المعنية هذه المستجدات عن كثب. فالمسافر الذي يخطط لزيارة شنغن في الأشهر المقبلة قد يجد أن دولته لم تعد مدرجة ضمن الدول المعفاة من التأشيرة، وهو ما يعني ضرورة التقديم على تأشيرة قبل السفر.
هذا التغيير في السياسة يعكس رغبة الاتحاد الأوروبي في الحفاظ على أمان حدوده وتعزيز الرقابة على من يدخل أراضيه، دون أن يتخلى عن مبدأ حرية التنقل للسياح ورجال الأعمال والمواطنين العاديين الذين يحترمون القوانين.
المصدر: Schengen.News
اقرأ أيضًا :البرتغال تعتزم تشديد قواعد منح الجنسية ولم الشمل العائلي ضمن إصلاحات للهجرة