إتخذت إسبانيا قرارا يحمل بشرى سارة لعشرات الآلاف من السائقين المغاربة. وبعد فترة من المفاوضات والمناقشات، تم أخيرا حل مسألة الاعتراف الثنائي برخص قيادة المركبات، وخاصة الكبيرة منها. ويتيح هذا القرار، المنشور في العدد 73 من الجريدة الرسمية الإسبانية، تبادل العمل برخص القيادة المهنية بين البلدين. ويمثل هذا خطوة إيجابية إلى الأمام في تعزيز العلاقات بين إسبانيا والمغرب وفتح فرص جديدة للمهنيين المغاربة.

ويدل القرار الأخير الذي اتخذته إسبانيا بتعديل الاتفاقية السابقة الموقعة عام 2004 على تحول في النهج تجاه السائقين المغاربة. وكانت الأنظمة السابقة تشترط على السائقين المغاربة الخضوع لاختبارات نظرية وعملية للحصول على رخص السياقة بالنسخة الإسبانية. ومع ذلك، فإن القرار الجديد يلغي الحاجة إلى هذه الاختبارات ويركز بدلاً من ذلك على اختبار تطبيقي على الطرق الإسبانية للمهنيين الذين يسعون إلى تبادل تراخيص الفئات “C” و”D” و”E”.
معارضة المنظمات المهنية الإسبانية
ومن المهم الإشارة إلى أن القرار واجه معارضة من المنظمات المهنية الإسبانية. وأعربوا عن مخاوفهم بشأن مؤهلات السائقين المغاربة، مشيرين إلى أنهم غير مؤهلين بما يكفي للوفاء بالمعايير المطلوبة في إسبانيا. وقالت هذه المنظمات إن السائقين المغاربة يجب أن يخضعوا للتدريب النظري والعملي للحصول على رخص القيادة في النسخة الإسبانية.
فرص عمل في إسبانيا كمشغل رافعة شوكية براتب 1400 يورو شهريا
جهود إسبانيا لسد الفجوة عبر إنتداب السائقين المغاربة
وعلى الرغم من المعارضة، فإن قرار إسبانيا باعتماد المرونة في هذا السياق يتماشى مع جهودها لمعالجة الفجوة في قطاع النقل، وخاصة في قيادة المركبات الكبيرة. وقد سلطت الجمعيات المهنية في إسبانيا الضوء على الحاجة إلى ما يصل إلى 26 ألف مهني في هذا القطاع، مع توقع تعيين نسبة كبيرة من المغرب. وتدل هذه الخطوة التي اتخذتها إسبانيا على اعترافها بكفاءة المهنيين المغاربة واستعدادها لسد الفجوة في صناعة النقل.
تقدير من قطاع النقل و اللوجستيك المغربي
وعبر المهنيون في قطاع النقل والخدمات اللوجستية المغربي عن تقديرهم للقرار الإسباني. وهم ينظرون إليها على أنها خطوة إيجابية تفيد المهنيين الذين يرغبون في العمل خارج البلاد. يعتبر الاعتراف بكفاءة المهنيين المغاربة في مجال قانون المرور بمثابة إنجاز كبير. وقال خالد بروجو الكاتب الوطني لشؤون النقل واللوجستيات بالمنظمة الديمقراطية للتشغيل، إن “هذا الاتفاق يأتي في وقته وسيمكن من التغلب على مختلف الإشكاليات التي كانت ستنجم عن الاستمرار على المنهجية السابقة”.
وظائف سائقي الشاحنات في إسبانيا : فرصة ذهبية للمتحدثين باللغة العربية
مهارات السائقين المغاربة وسمعتهم
يحظى السائقون المغاربة بتقدير كبير في الدول الأوروبية بسبب وعيهم بقوانين المرور واحترامهم لها. ويعتبرون من بين أفضل السائقين في أوروبا، متجاوزين نظرائهم الأوروبيين. إن تخصص السائقين المغاربة في دول مثل فرنسا وإسبانيا وإنجلترا واضح، مع وجود أعداد كبيرة من السائقين المغاربة الذين يعملون بالفعل في هذه البلدان. يعكس الطلب على السائقين المغاربة في أوروبا مهاراتهم واحترافيتهم الاستثنائية.
التأثير على قطاع النقل المغربي
وفي حين حظي القرار الإسباني بإيجابية من قبل المهنيين، أعرب أصحاب مقاولي النقل في المغرب عن مخاوفهم بشأن تأثيره المحتمل على قطاع النقل. ويعتقدون أن القرار قد يعمق أزمة القطاع ويؤدي إلى هجرة كثيفة للعمالة إلى الخارج. واعترف رشيد الطاهري، الأمين العام لجامعة النقل واللوجستيك التابعة للاتحاد الوطني لمقاولات المغرب، بالفوائد التي تعود على المهنيين المغاربة لكنه أكد على أنها يمكن أن تضيق الخناق على الموارد البشرية المهنية داخل البلاد.
مطلوب 10 مشغلي رافعة شوكية للعمل في إسبانيا براتب 12 يورو في الساعة
التحديات والإغراءات
وتسعى إسبانيا، إلى جانب دول أوروبية أخرى مثل فرنسا وإنجلترا وإيطاليا، جاهدة إلى جذب السائقين المغاربة. إنهم يقدمون حوافز وإغراءات مختلفة لإغراء السائقين المغاربة للعمل في بلدانهم. وهذا يشكل تحديا أمام المغرب للحفاظ على استمرارية قطاع النقل وتلبية احتياجات مواطنيه في مجال النقل. لقد بدأ مقاولو التشغيل المغاربة بالفعل في فقدان محترفيهم، الذين يتم إغراءهم بالفرص والمزايا التي توفرها هذه البلدان.
يعد قرار إسبانيا بالاعتراف برخص السياقة المغربية وتسهيل تبادل العمل للسائقين المحترفين خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقة بين البلدين. ويفتح فرصا جديدة للمهنيين المغاربة ويعترف بكفاءتهم في مجال النقل. وفي حين أن هناك مخاوف بشأن التأثير المحتمل على قطاع النقل المغربي، فمن المهم إيجاد توازن يسمح بنمو القطاع مع ضمان الاحتفاظ بالمهنيين المهرة داخل البلاد. وسيكشف المستقبل عن الآثار طويلة المدى لهذا القرار وكيف يشكل صناعة النقل في كل من إسبانيا والمغرب.
وفي الختام، فإن قرار إسبانيا بالاعتراف برخص السياقة المغربية وتسهيل تبادل العمل للسائقين المحترفين يعد تطورا إيجابيا لكلا البلدين. ويفتح فرصا جديدة للمهنيين المغاربة ويعزز العلاقات بين إسبانيا والمغرب. وفي حين أن هناك مخاوف بشأن التأثير المحتمل على قطاع النقل المغربي، فمن الضروري تحقيق توازن يسمح بالنمو مع الاحتفاظ بالمهنيين المهرة داخل البلاد. وسيكشف المستقبل عن الآثار طويلة المدى لهذا القرار وكيف يشكل صناعة النقل في كل من إسبانيا والمغرب.
قد يعجبك أيضًا : تأشيرة العمل الموسمي في إسبانيا 2024: دليل شامل لعملية التقديم
