أعلنت حكومة كيبيك عن إدخال تغييرات جذرية على سياساتها في مجال الهجرة، مع بدء العمل ببرنامج اختيار العمال المهرة الجديد (PSTQ) وتجميد تقديم طلبات لم شمل الأسرة لبعض الفئات حتى منتصف عام 2026. هذا التحول يشير إلى إعادة توجيه واضحة في أولويات المقاطعة، حيث بات التركيز منصبًا على الجوانب الاقتصادية والاندماج اللغوي، في مقابل تراجع الاهتمام بمسارات الهجرة الإنسانية والعائلية.
البرنامج الجديد الذي دخل حيز التنفيذ رسميًا في 2 يوليو 2025، يأتي ليحل محل البرنامج السابق لاختيار العمال المهرة (PRTQ)، ويهدف إلى ملاءمة عملية اختيار المهاجرين مع احتياجات سوق العمل في كيبيك، وكذلك دعم النمو في المناطق خارج مونتريال وتعزيز استخدام اللغة الفرنسية. البرنامج يعتمد على أربع فئات رئيسية: العمال المؤهلون والمتخصصون، العمال اليدويون، أصحاب المهن المنظمة، والأفراد ذوو الكفاءات الاستثنائية.
يعتمد النظام الجديد على تقديم طلبات عبر بوابة “أريما”، حيث يتم تقييم المتقدمين بناء على شبكة نقاط موسعة تصل إلى 1400 نقطة، تشمل مؤهلات مثل التعليم، الخبرة العملية، المهارات اللغوية، الروابط الإقليمية، والاستعداد للاستقرار في مناطق خارج مونتريال. اللغة الفرنسية تشكل عنصراً أساسياً في هذا النظام، إذ تمنح نقاطًا إضافية لمستوى الإتقان، ما قد يصعب على المتقدمين غير الناطقين بالفرنسية المنافسة على فرص القبول.
في المقابل، أثار قرار وزارة الهجرة والفرانكوفونية والاندماج (MIFI) في 9 يوليو 2025، بتجميد معالجة طلبات لم الشمل للزوج أو الشريك والأبناء البالغين المعالين حتى يونيو 2026، موجة انتقادات واسعة. القرار الذي تم تبريره بأن المقاطعة بلغت الحد الأقصى المقرر لقبول 10,400 طلب خلال الفترة 2024–2026، أثار مخاوف حول تداعياته الاجتماعية والإنسانية، خاصة في ظل إعادة الطلبات المرسلة بعد بلوغ الحد دون معالجتها أو استرجاع رسومها، باستثناء الحالات الخاصة بالأطفال القصر والمكفولين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ويخشى خبراء الهجرة من أن هذا التجميد قد يؤدي إلى تفاقم مشكلات الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للمهاجرين، إذ يشكل دعم الأسرة أحد العوامل الأساسية في نجاح المهاجرين في مجتمعات الاستقبال. كما قد يطرح القرار تساؤلات قانونية تتعلق بالمساواة والحقوق الدستورية، لاسيما في حال طال الفراق أفراداً مقيمين في كندا.
هذه الإجراءات المتزامنة تسلط الضوء على التوجه الجديد لسياسة الهجرة في كيبيك، التي تبدو أكثر تركيزًا على جذب الكفاءات القادرة على تلبية الحاجات الاقتصادية، لكنها في الوقت نفسه تغلق الباب أمام كثير من العائلات التي تسعى للالتحاق بذويها. وبذلك، يجد الممارسون القانونيون أنفسهم أمام تحديات مزدوجة، بين مساعدة المهنيين على تعزيز فرصهم ضمن البرنامج الجديد، والعمل على إيجاد بدائل قانونية للأسر المتضررة من التجميد، سواء عبر المسارات الفدرالية أو من خلال الطعن القانوني في السياسات الحالية.
في ظل هذه التغييرات، يبقى مستقبل الهجرة إلى كيبيك مرهونًا بقدرة المقاطعة على الموازنة بين متطلبات الاقتصاد وحقوق الإنسان الأساسية، بما في ذلك الحق في الحياة الأسرية.
المصدر: Immigration.ca.
اقرأ أيضًا :الإمارات تطلق تأشيرة البحث عن عمل دون الحاجة لكفيل