تُعد البرتغال واحدة من أكثر الدول الأوروبية ترحيبًا بالمهاجرين، وقد أصبحت في السنوات الأخيرة نموذجًا يُحتذى به في سياساتها الإنسانية والانفتاح الثقافي. فهي لا تكتفي بفتح أبوابها للمهاجرين الباحثين عن حياة أفضل، بل تسعى بنشاط لدمجهم في المجتمع من خلال برامج الدعم والإدماج الاجتماعي، وخاصةً لأولئك القادمين من خلفيات صعبة مثل اللاجئين أو الأفراد الفارين من مناطق النزاع والفقر. ومن أبرز الأدوات التي تُعبّر بها البرتغال عن هذا التوجه الإنساني هي التأشيرة الإنسانية، التي تتيح للمتضررين من أوضاع قاسية فرصة الإقامة القانونية في بيئة آمنة وداعمة. كما تُولي الحكومة البرتغالية أهمية كبيرة للعمل التطوعي، إذ تُشجّع على استقبال الأفراد الراغبين في تقديم خدمات إنسانية وتطوعية تُسهم في تنمية المجتمع المحلي، سواء في مجالات التعليم أو البيئة أو الرعاية الاجتماعية، مما يجعلها وجهة مثالية للراغبين في الهجرة لأهداف إنسانية ومجتمعية نبيلة.
وما يميز البرتغال عن غيرها من الوجهات الأوروبية هو بساطة الإجراءات القانونية الخاصة بالإقامة والعمل. بالإضافة إلى المرونة في التعامل مع طلبات اللجوء والهجرة الإنسانية، الأمر الذي يجعل منها بيئة مثالية لمن يسعون إلى بداية جديدة قائمة على الاحترام المتبادل والتكافل الاجتماعي. كما أن المجتمع البرتغالي نفسه معروف بدفئه وتسامحه. مما يوفّر مناخًا إيجابيًا يُعزز من فرص اندماج المهاجرين ويساعدهم على تجاوز صعوبات الانتقال والاندماج في حياة جديدة.
التأشيرة الإنسانية إلى البرتغال
التأشيرة الإنسانية هي نوع خاص من التأشيرات تُمنح للأشخاص الذين يواجهون ظروفًا إنسانية استثنائية في بلدانهم الأصلية، مثل النزاعات المسلحة، الاضطهاد السياسي أو الديني، الكوارث الطبيعية، أو حتى الفقر المدقع الذي يهدد الحياة والكرامة الإنسانية. وتُعَدّ البرتغال من الدول الأوروبية التي تُولي اهتمامًا كبيرًا لهذا النوع من التأشيرات. حيث تُتيح للمُتقدّمين فرصة اللجوء الإنساني أو الإقامة المؤقتة بشروط مرنة وإجراءات قانونية مبسطة نسبيًا مقارنةً بدول أخرى. وتُقدَّم هذه التأشيرة عادةً من خلال القنصليات أو السفارات البرتغالية في الخارج، وتخضع كل حالة لتقييم فردي دقيق يأخذ بعين الاعتبار طبيعة الظروف التي يواجهها طالب التأشيرة.
بعد دخول البرتغال بهذه التأشيرة. يمكن لحاملها التقدّم بطلب الحصول على تصريح إقامة إنساني مؤقت، يُجدد بشكل دوري، كما يُمنح الحق في الحصول على بعض الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية، التعليم، والإدماج في برامج التدريب المهني. وتُظهر البرتغال من خلال هذا النوع من التأشيرات التزامها بالمبادئ الإنسانية والاتفاقيات الدولية التي تُعزز من حماية حقوق الإنسان. مما يجعلها وجهة مفضلة لكل من يبحث عن الأمان والكرامة والفرصة لبدء حياة جديدة بعيدًا عن الخوف والمعاناة.
شروط الحصول على التأشيرة الإنسانية:
إثبات وجود تهديد أو ظروف إنسانية في بلد الإقامة الأصلي:
للحصول على التأشيرة الإنسانية إلى البرتغال، يجب على المتقدم أن يُثبت تعرضه لتهديدات خطيرة أو ظروف إنسانية قاهرة في بلده الأصلي. يشمل ذلك حالات مثل الحروب، الاضطهاد السياسي أو الديني، الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. أو الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة التي تهدد الحياة. تُعد هذه الأدلة جوهرية لإقناع السلطات البرتغالية بمدى جدية الحالة وأهمية منح التأشيرة لتوفير الحماية اللازمة.
تقديم طلب لجوء أو حماية إنسانية عند الوصول إلى البرتغال أو عبر السفارات البرتغالية:
يمكن تقديم طلب الحصول على التأشيرة الإنسانية إما مباشرة عند الوصول إلى الأراضي البرتغالية. أو من خلال السفارات والقنصليات البرتغالية في الخارج. تُقيَّم الطلبات بشكل فردي ودقيق، ويُنصح المتقدمون بتقديم ملفات شاملة وواضحة تدعم حالتهم الإنسانية. ويُفضَّل أن يتم الطلب فور الوصول أو عند توفر الظروف المناسبة، لتسريع الإجراءات والحصول على الحماية اللازمة في أقرب وقت ممكن.
التعاون الكامل مع السلطات البرتغالية أثناء دراسة ملفك:
أثناء معالجة الطلب، من الضروري أن يُظهر المتقدم تعاونًا تامًا مع السلطات البرتغالية المختصة. سواء من خلال الحضور إلى المقابلات، تقديم الوثائق المطلوبة، أو الاستجابة لأي استفسارات إضافية. يُعزز هذا التعاون من فرص قبول الطلب ويُظهر الجدية والشفافية في التعامل مع الجهات الرسمية، وهو أمر تعتبره البرتغال عاملًا مهمًا في اتخاذ القرار بشأن منح التأشيرة.
امتلاك وثائق هوية أو أي أدلة تثبت الوضع الإنساني الصعب:
رغم أن بعض المتقدمين قد لا يمتلكون جوازات سفر أو وثائق هوية كاملة، إلا أن تقديم أي مستندات تُسهم في توضيح خلفية الشخص أو دعم حالته الإنسانية يُعد أمرًا مهمًا للغاية. يمكن أن تشمل هذه الأدلة تقارير طبية، شهادات لجوء سابقة، صور، مقاطع فيديو، أو شهادات من منظمات إنسانية. هذه الأدلة تساعد على بناء ملف قوي يعكس الواقع الحقيقي للمتقدم ويُسهم في إقناع السلطات بمنحه التأشيرة الإنسانية.
مزايا التأشيرة الإنسانية:
الإقامة القانونية في البرتغال:
من أهم مزايا التأشيرة الإنسانية أنها تتيح لحاملها الإقامة القانونية داخل البرتغال. مما يعني الحماية من الترحيل أو العودة القسرية إلى البلد الأصلي الذي قد يكون غير آمن. تُمنح الإقامة الإنسانية عادة لمدة محددة قابلة للتجديد، وتُعتبر بوابة مهمة للاستقرار في بيئة آمنة تدعم حقوق الإنسان وتوفر الحد الأدنى من الأمان الاجتماعي والقانوني.
الحق في العمل والتعليم والرعاية الصحية:
يحصل حامل التأشيرة الإنسانية على حقوق أساسية تكفل له العيش بكرامة، بما في ذلك الحق في العمل بشكل قانوني، والالتحاق بالمؤسسات التعليمية، والاستفادة من خدمات الرعاية الصحية. وتُعتبر هذه الحقوق أساسية لتسهيل اندماج المهاجر في المجتمع البرتغالي. كما تُوفر له الأدوات اللازمة لبناء حياة جديدة قائمة على الاستقلالية والمشاركة الفاعلة في المجتمع.
فرصة للتقدم لاحقًا للحصول على الإقامة الدائمة أو الجنسية بعد عدد معين من السنوات:
تُعد التأشيرة الإنسانية خطوة أولى نحو تحقيق استقرار طويل الأمد في البرتغال، إذ يمكن لحاملها، بعد مضي عدد من السنوات واستيفاء الشروط القانونية، التقدّم بطلب للحصول على الإقامة الدائمة أو حتى الجنسية البرتغالية. ويُعتبر هذا الامتياز من أبرز عوامل الجذب. لأنه يمنح الأفراد فرصة حقيقية لبناء مستقبل آمن ومستقر لهم ولأسرهم، والاندماج الكامل في المجتمع كمواطنين يتمتعون بكافة الحقوق.
الهجرة إلى البرتغال عبر برامج التطوع
الهجرة عن طريق التطوع تُعد خيارًا جيدًا للشباب والبالغين الذين يرغبون في الإقامة المؤقتة في البرتغال واكتساب خبرة عملية وثقافية.
البرامج المتاحة:
توفّر البرتغال مجموعة من البرامج الإنسانية والتطوعية التي تُشكل فرصة ممتازة للراغبين في الهجرة بطريقة قانونية وإنسانية. وفي مقدمتها برنامج الخدمة التطوعية الأوروبية (EVS)، وهو جزء من برنامج Erasmus+ التابع للاتحاد الأوروبي. يُتيح هذا البرنامج للشباب من مختلف أنحاء العالم المشاركة في مشاريع تطوعية تتراوح مدتها من بضعة أسابيع إلى عدة أشهر، في مجالات متنوعة مثل التعليم، الثقافة، البيئة، والاندماج الاجتماعي.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل العديد من المنظمات غير الحكومية (NGOs) داخل البرتغال على تنفيذ مشاريع تطوعية تهدف إلى خدمة المجتمع المحلي. وتشمل هذه المشاريع مجالات حيوية مثل حماية البيئة، دعم التعليم في المناطق المحرومة، تقديم المساعدة للاجئين، والرعاية الاجتماعية للفئات الهشة. وتوفر هذه البرامج للمشاركين فرصة حقيقية لاكتساب خبرات مهنية وشخصية، إلى جانب إمكانية الحصول على دعم قانوني للإقامة أثناء فترة العمل التطوعي.
متطلبات التطوع:
- العمر بين 18 و30 عامًا (لبعض البرامج، وقد تُتاح فرص لمن هم أكبر سنًا).
- مستوى جيد في اللغة الإنجليزية أو البرتغالية.
- التقديم عبر منظمة مضيفة مع رسالة دافع وسيرة ذاتية.
مزايا التطوع في البرتغال:
- تغطية تكاليف السفر والمعيشة في أغلب البرامج.
- تأمين صحي طوال مدة الإقامة.
- اكتساب مهارات مهنية ولغوية.
- تجربة ثقافية غنية وفرصة لبناء شبكة علاقات دولية.
اقرأ أيضًا :برامج الهجرة للمعلمين وأساتذة اللغة العربية أو الفرنسية في الخارج
نصائح للراغبين في الهجرة عبر هذين المسارين:
قم بجمع كل الوثائق المطلوبة مسبقًا:
من المهم جدًا التحضير الجيد قبل التقدّم بطلب التأشيرة الإنسانية أو الالتحاق ببرنامج تطوعي في البرتغال، ويبدأ ذلك بجمع جميع الوثائق المطلوبة مسبقًا. تشمل هذه الوثائق عادةً جواز السفر، صور شخصية، سيرة ذاتية، رسائل دوافع. وأي مستندات تُثبت حالتك الإنسانية أو خبرتك في العمل التطوعي. التحضير المسبق يُساعد على تسريع الإجراءات وتفادي أي تأخير أو رفض للطلب بسبب نقص في المعلومات أو الأوراق.
ابحث جيدًا عن المنظمات أو الجهات التي تستقبل المتطوعين:
قبل التقدّم لأي برنامج تطوعي، من الضروري إجراء بحث شامل حول المنظمات أو الجهات التي تستقبل المتطوعين في البرتغال. تأكد من أن الجهة التي تختارها معتمدة وموثوقة، وأن المشروع الذي ستنضم إليه يتوافق مع اهتماماتك وقدراتك. يُفضل أيضًا التواصل المباشر مع هذه الجهات للحصول على تفاصيل دقيقة حول طبيعة العمل. شروط المشاركة، والدعم الذي سيُقدم لك خلال فترة التطوع
استعن بمحامٍ مختص أو استشارة قانونية إن كنت تسعى للحصول على الحماية الإنسانية:
طلب الحماية الإنسانية يتطلب فهماً دقيقاً للإجراءات القانونية، لذلك من الأفضل دائمًا الاستعانة بمحامٍ مختص في قضايا الهجرة أو طلب اللجوء. يُمكن للمستشار القانوني مساعدتك في تقديم ملف قوي، وتوجيهك خلال مختلف مراحل الطلب، والتواصل مع السلطات البرتغالية بالطرق الرسمية الصحيحة. هذا الدعم القانوني يُعزز فرص قبول طلبك ويُجنبك الوقوع في الأخطاء الإجرائية.
تعلّم اللغة البرتغالية، فهي عامل مهم للاندماج والقبول في المجتمع:
إتقان اللغة البرتغالية يُعد خطوة أساسية نحو الاندماج الناجح في المجتمع البرتغالي، سواء كنت مهاجرًا إنسانيًا أو متطوعًا. فالتواصل الفعّال يُسهم في بناء علاقات إيجابية مع السكان المحليين، ويُسهّل عليك الوصول إلى فرص العمل والتعليم والخدمات الاجتماعية. كما أن الجهات الرسمية والمنظمات تفضل عادة الأشخاص الذين يُظهرون استعدادًا لتعلم اللغة، لأنه يعكس رغبتهم في الاندماج والمساهمة الفعالة في المجتمع.
الأسئلة الشائعة
1. ما الفرق بين التأشيرة الإنسانية وطلب اللجوء في البرتغال؟
التأشيرة الإنسانية تُمنح لأشخاص يواجهون ظروفًا صعبة، وقد تكون مؤقتة أو مدتها محددة، بينما طلب اللجوء هو إجراء قانوني للحصول على الحماية الدولية من الاضطهاد، وقد يؤدي إلى إقامة دائمة.
2. هل يمكنني العمل في البرتغال بتأشيرة إنسانية؟
نعم، في معظم الحالات يُسمح لحاملي التأشيرة الإنسانية بالعمل في البرتغال بشكل قانوني بعد الحصول على رقم ضريبي (NIF) ورقم الضمان الاجتماعي.
3. ما هي مدة الإقامة الممنوحة في حالة التطوع؟
تختلف المدة حسب البرنامج، لكنها غالبًا ما تتراوح بين 3 أشهر إلى سنة واحدة. يمكن تمديدها في بعض الحالات أو التقديم على برامج أخرى لاحقًا.
4. هل أحتاج إلى تأشيرة مسبقة إذا تم قبولي في برنامج تطوع؟
نعم، تحتاج إلى تأشيرة تطوعية (Visa for Voluntary Service) يتم التقديم عليها من خلال القنصلية البرتغالية، بمساعدة المنظمة المضيفة التي توفر لك دعوة رسمية.
5. هل يشترط التحدث باللغة البرتغالية؟
لا يُشترط، لكن من المفيد جدًا تعلم اللغة البرتغالية لتسهيل الاندماج في المجتمع والحصول على فرص عمل أو تعليم أفضل. بعض البرامج تعتمد على اللغة الإنجليزية، خاصة في التطوع الدولي.
اقرأ أيضًا :تدريب ممول بالكامل داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي مع راتب شهري
