يتوجه الناخبون في إيطاليا اليوم الأحد وغداً الإثنين إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في استفتاء شعبي محوري يتناول قضية تقليص المدة القانونية للحصول على الجنسية الإيطالية من عشر سنوات إلى خمس. يأتي هذا الاستفتاء بدعوة من جمعيات حقوقية ونقابات عمالية تسعى لتقريب التشريعات الإيطالية من نظيراتها في دول أوروبية كألمانيا وفرنسا، بينما يلقى معارضة شديدة من حزب “إخوة إيطاليا” اليميني بقيادة رئيسة الحكومة جورجيا ميلوني، التي دعت علناً إلى مقاطعة التصويت.
الاستفتاء الذي ينظم على مدى يومين لا يقتصر فقط على مسألة الجنسية، بل يتضمن أربعة أسئلة إضافية تتعلق بزيادة الحماية القانونية للموظفين، وبخاصة في مواجهة العقود المؤقتة والفصل من العمل. وتدعم الكونفدرالية العامة للعمل (CGIL)، ذات التوجه اليساري، هذه التعديلات بهدف “عكس ثقافة تعطي الأولوية لمصالح الشركات على حساب حقوق العمال”، بحسب تعبير أمينها العام ماوريتسيو لانديني.
الجدل الأكبر يتركز حالياً حول البند الأول في الاستفتاء، وهو المقترح القاضي بتقليص المدة المطلوبة للحصول على الجنسية الإيطالية للمقيمين من خارج الاتحاد الأوروبي. ووفقاً للقوانين الحالية، يتوجب على أي شخص لا يمتلك روابط دموية أو زواجاً من مواطن إيطالي، أن يقيم عشر سنوات متواصلة في البلاد قبل التقدم بطلب الجنسية، والتي قد تستغرق سنوات إضافية قبل أن تُمنح. المقترح الجديد يسعى لتخفيض هذه المدة إلى خمس سنوات فقط، على غرار ما هو معمول به في فرنسا وألمانيا.
الحكومة الحالية، بقيادة جورجيا ميلوني، تعارض هذا التوجه بشدة، معتبرة أن النظام القائم “مناسب” و”منفتح بالفعل”، حيث صرحت ميلوني مؤخراً أن إيطاليا تعد من الدول الأوروبية الأكثر منحاً للجنسية سنوياً. وتشير إحصائيات أوروبية إلى أن أكثر من 213 ألف شخص حصلوا على الجنسية الإيطالية عام 2023، وهو ضعف العدد المسجل في عام 2020، وخُمس العدد على مستوى الاتحاد الأوروبي ككل. ويشكّل المواطنون من خارج الاتحاد، خاصة من ألبانيا والمغرب والبرازيل والأرجنتين، النسبة الكبرى من المستفيدين.
من جانب آخر، يرى منظمو الاستفتاء أن حوالي 2.5 مليون شخص قد يستفيدون من هذا الإصلاح حال إقراره، وهو ما يدعمه الحزب الديمقراطي الإيطالي (يسار الوسط) الذي يحاول بدوره تعزيز موقعه في استطلاعات الرأي، والتي تظهر تخلفه بفارق ملحوظ خلف حزب “إخوة إيطاليا”.
دستورياً، لا يصبح الاستفتاء ملزماً إلا في حال تخطي نسبة المشاركة حاجز 50% من الناخبين المسجلين زائد واحد، وهو ما تسعى الحكومة إلى عرقلته عبر الدعوة إلى المقاطعة. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة السياسية من حزب ميلوني تعكس توجهاً لإبقاء قوانين الهجرة والتجنيس على حالها، في إطار سياسة أشمل للحد من الهجرة غير الشرعية.
ويأتي هذا الاستفتاء في وقت تشهد فيه البلاد نقاشات حادة حول سياسة الهجرة، لا سيما بعد أن قررت الحكومة الإيطالية بدء ترحيل بعض المهاجرين إلى مراكز استقبال في ألبانيا، في خطوة غير مسبوقة واجهت اعتراضات قانونية. كما اتفق مجلس الوزراء في مارس الماضي على تشديد شروط التجنيس، بحيث تقتصر على من لديهم روابط دم مع إيطاليا حتى الجيل الثاني فقط، ما أثار جدلاً إضافياً حول توجهات الحكومة في هذا الملف.
أما على صعيد العمل والاقتصاد، فيستهدف الاستفتاء أيضاً إصلاحات تطالب بإلغاء بنود قانون الوظائف الذي أقرته حكومة ماتيو رينتسي قبل عقد، والذي يُتهم من قبل النقابات بأنه ساهم في تقويض استقرار العمل وتوسيع العقود الهشة. وعلى الرغم من أن الحزب الديمقراطي كان خلف هذا القانون، فإنه اليوم يدعمه ضمن مساعيه لاستعادة ثقة الناخبين من الطبقة العاملة.
النتائج النهائية للاستفتاء، في حال بلوغه النصاب القانوني، قد تشكل نقطة تحول في السياسة الإيطالية المتعلقة بالهجرة والتجنيس وسوق العمل. أما إذا فشلت المشاركة في تخطي الحد المطلوب، فقد يشكل ذلك انتصاراً لحكومة ميلوني التي تراهن على فشل المبادرة كوسيلة لتعزيز توجهاتها المحافظة.
المصدر: فرانس 24
اقرأ أيضًا :المغاربة أكثر الجنسيات حصولًا على الجنسية الإسبانية في 2024