في تطور مفاجئ ومثير للقلق، كشفت تقارير حديثة عن ارتفاع غير مسبوق في عدد العمال الأجانب الذين يعملون دون تصاريح قانونية في هولندا، خاصة من مواطني دول مثل البرازيل وجورجيا. ما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا هو الثغرات الموجودة في نظام تسجيل غير المقيمين (RNI) الذي يُسهل بطريقة غير مباشرة دخول هؤلاء الأشخاص إلى سوق العمل الهولندي دون رقابة حقيقية.
تسجيل غير المقيمين… باب خلفي للعمل غير الشرعي؟
نظام تسجيل غير المقيمين في هولندا وُضع خصيصًا للأشخاص الذين يخططون للإقامة المؤقتة (أقل من أربعة أشهر) بغرض الدراسة أو العمل. لكن الواقع اليوم يختلف كثيرًا، إذ يتم استغلال هذا النظام من قبل بعض الأجانب للدخول إلى سوق العمل دون الحاجة لتصريح رسمي. بمجرد التسجيل، يحصل الشخص على رقم خدمة المواطن (BSN)، مما يتيح له فتح حساب مصرفي أو حتى تسجيل شركة.
اقرأ أيضًا :ألمانيا..توقف مؤقتًا برنامج إعادة توطين اللاجئين المسجلين لدى الأمم المتحدة
البرازيليون والجورجيون في صدارة المشهد
وفقًا لما أفاد به مفتشو العمل في هولندا، فقد تم رصد ما يقارب 35,000 برازيلي يعملون بدون تصريح في مدينة أمستردام وحدها. كما تم تسجيل أعداد كبيرة من المواطنين الجورجيين الذين يمارسون أنشطة مهنية مشابهة، مما يشير إلى توجه متزايد بين مواطني دول العالم الثالث لدخول هولندا تحت غطاء سياحي ومن ثم الانخراط في وظائف غير شرعية.
القطاعات المستهدفة من العمل غير القانوني
هؤلاء العمال غالبًا ما ينخرطون في قطاعات مثل البناء والزراعة وتربية الزهور. ولكن لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل امتد ليشمل قطاعات مثل الضيافة، والمطاعم، وحتى الخدمات المنزلية مثل التنظيف ورعاية الأطفال. هذه الوظائف، رغم أهميتها، تُعد بوابة للاستغلال بسبب غياب العقود القانونية.
ثغرة قانونية دون رقابة فعالة
الغريب في الأمر أن السلطات الهولندية كانت على علم بهذا الاستغلال لنظام RNI منذ سنوات، ولكن لم يُتخذ أي إجراء فعّال لتصحيح الوضع. الوزارة المختصة أعلنت في يوليو الماضي أنها لا تخطط لتعديل النظام في الوقت الحالي، ما يُبقي الباب مفتوحًا للمزيد من الانتهاكات.
خطر الاستغلال وعدم المساواة
العمال غير المصرح بهم عرضة للاستغلال، سواء من حيث الأجور المنخفضة أو العمل لساعات طويلة دون حماية قانونية. بعضهم لا يحصل على أي أجر، وآخرون يتم فصلهم دون مبرر. ومع غياب التأمين الصحي والضمانات الاجتماعية، يجد هؤلاء العمال أنفسهم في وضع هش للغاية.
من تصريح إلى تجارة؟
الرقم المدني الذي يحصل عليه الأجنبي من خلال RNI يُستخدم ليس فقط للعمل بل لفتح شركات وتسجيل أنشطة تجارية أيضًا، ما يُحول هؤلاء الأفراد من مجرد زوار إلى فاعلين اقتصاديين غير شرعيين في المجتمع.
من هم المتضررون؟
المتضرر الأكبر هم هؤلاء العمال أنفسهم الذين يعيشون في الخفاء ويعانون من عدم الاستقرار. لكن الضرر يمتد أيضًا إلى سوق العمل الهولندي ككل، حيث يُحدث خللاً في المنافسة ويضغط على الأجور وشروط العمل.
أين دور الجهات الرقابية؟
يؤكد المسؤولون في جهاز التفتيش العمالي أن من الصعب تتبع هؤلاء الأفراد بسبب غياب المستندات الرسمية وعدم وضوح وضعهم القانوني. كما أن بعضهم يختفي ببساطة بعد انتهاء فترة السماح الرسمية للبقاء.
تأثير غياب التأمين الصحي
الكثير من هؤلاء العمال يلجأ إلى منظمات خيرية مثل “أطباء العالم” للحصول على الرعاية الصحية، لأنهم غير مؤهلين للحصول على تأمين صحي رسمي. تقول ليزا فليغنهارت من المنظمة: “البرازيليون يأتون إلينا باستمرار بطلبات علاج لأنهم ببساطة لا يملكون أي تغطية صحية.”
المواطنون من دون تأشيرة… نقطة ضعف النظام
تمتلك البرازيل وجورجيا – إلى جانب 59 دولة أخرى – اتفاقيات دخول بدون تأشيرة إلى منطقة شنغن. هذا الامتياز يُستخدم حاليًا كوسيلة للوصول إلى هولندا والانخراط في سوق العمل غير الرسمي دون أي قيود.
تأثيرات اقتصادية واجتماعية طويلة الأمد
إذا استمر الوضع على هذا النحو، فإن هولندا ستواجه تحديات أكبر في سوق العمل، من ضمنها الإضرار بحقوق العمال القانونيين، وانتشار الاقتصاد الخفي، وزيادة حالات التهرب من الضرائب.
هل هناك حلول مطروحة؟
في الوقت الحالي، لا توجد خطط واضحة لتغيير النظام أو سد الثغرات القانونية. ويبدو أن الحكومة تتريث في اتخاذ خطوات حاسمة رغم التحذيرات المتكررة من الجهات الرقابية.
ما الذي يجب فعله؟
هناك حاجة ملحة لتعديل نظام RNI وإيجاد طريقة للتحقق من مغادرة الأجانب في الوقت المحدد. بالإضافة إلى فرض رقابة صارمة على أصحاب العمل الذين يُشغلون عمالًا غير قانونيين.
المصدر الأصلي للخبر:
المصدر الأساسي لهذا الخبر هو موقع Schengen.News، كما وردت تفاصيل إضافية من تقارير لـ NL Times وتصريحات من مفتشي العمل الهولنديين ومنظمة أطباء العالم.
خاتمة
الوضع في هولندا يعكس أزمة حقيقية في تنظيم سوق العمل، ويكشف عن ثغرات قانونية تُستغل بشكل متزايد. العمال من دول العالم الثالث، وخاصة البرازيل وجورجيا، أصبحوا فئة مستهدفة للاستغلال بسبب غياب الحماية القانونية وضعف الرقابة. إن لم يتم التعامل مع هذه القضية بجدية، فقد تتحول إلى أزمة اجتماعية واقتصادية أوسع نطاقًا.
اقرأ أيضًا :معدلات البطالة الجديدة في كندا لخبراء تقييم سوق العمل اعتبارًا من 4 أبريل