أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، يوم 16 أكتوبر 2025، عن إطلاق مبادرة جديدة تحت اسم “ميثاق من أجل المتوسط”، تهدف إلى تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودول جنوب البحر الأبيض المتوسط، وفي مقدمتها المغرب، الجزائر، وتونس. وتأتي هذه الخطوة في إطار سعي الاتحاد إلى بناء شراكة متوازنة تقوم على التعليم، التنمية المستدامة، وتنظيم الهجرة.
الميثاق الجديد يُعد بمثابة خارطة طريق للعلاقات الأوروبية مع دول الجنوب، ويرتكز على ثلاثة محاور أساسية تشمل تمكين الشباب من التعليم عبر برامج التنقل الأكاديمي، تحفيز الاقتصاد المستدام من خلال مشاريع في مجالي الطاقة والرقمنة، وتنظيم إدارة الهجرة عبر قنوات قانونية. ويمثل توسيع برنامج Erasmus+ أحد أهم بنود المبادرة، إذ سيفتح الباب أمام مشاركة أوسع لطلبة المنطقة المغاربية في الجامعات الأوروبية، مع إجراءات مبسطة للحصول على التأشيرات الدراسية.
وأكدت المفوضية الأوروبية أن الهدف من هذا التوجه هو “ربط الشباب على ضفتي المتوسط” وإنشاء جامعة متوسطية متعددة الفروع تضم مؤسسات تعليمية من أوروبا ودول الجنوب، بما في ذلك المغرب والجزائر وتونس. كما ستساهم هذه المبادرة في إطلاق برامج دراسات مشتركة ودعم التبادل الأكاديمي بين الجامعات.
وتبرز الجزائر كشريك رئيسي في المرحلة الجديدة من التعاون، بعد إدراجها رسمياً ضمن الدول المستفيدة من الميثاق. وتشير المفوضية إلى أن هذه الخطوة ستتيح للطلبة والأساتذة الجزائريين فرصاً أكبر للمشاركة في مشاريع تعليمية وبحثية، إضافة إلى زيادة عدد المنح الدراسية وتعزيز الروابط الأكاديمية مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي.
وفي ما يتعلق بتسهيلات التأشيرات، أوضحت مفوضة الاتحاد الأوروبي دوبرافكا شويكا أن الخطة تشمل تسريع إجراءات منح تأشيرات الدراسة للطلبة والباحثين من المغرب وتونس ومصر، مع دراسة إمكانية توسيعها لاحقاً لتشمل الجزائر. وستبدأ هذه التسهيلات تدريجياً اعتباراً من عام 2026، بالتوازي مع حملات توعية وإجراءات تنظيمية تهدف إلى تشجيع التنقل الأكاديمي المنظم والحد من الهجرة غير النظامية.
وقد خُصصت ميزانية إجمالية قدرها 42 مليار يورو حتى عام 2030 لتمويل أنشطة الميثاق، تشمل دعم التعليم، البحث العلمي، والطاقة المتجددة. ويتوقع الاتحاد الأوروبي أن يتضاعف عدد الطلبة القادمين من دول جنوب المتوسط ضمن برنامج Erasmus+ خلال السنوات الثلاث المقبلة، إلى جانب إنشاء أكثر من مئة برنامج أكاديمي مشترك بين الجامعات الأوروبية والمغاربية.
ويرى مراقبون أن الميثاق الجديد يمثل محاولة لإعادة صياغة العلاقة بين أوروبا ودول المغرب العربي بعيداً عن المقاربة الأمنية التي طبعت العقود الماضية، إذ تراهن بروكسل اليوم على التعليم كجسر للتقارب الاقتصادي والاجتماعي. ومع ذلك، يبقى نجاح المبادرة مرهوناً بمدى استعداد الدول المغاربية لتطوير أنظمتها الجامعية وتبسيط الإجراءات الإدارية المرتبطة بالتبادل الأكاديمي والمنح الدراسية.
ويُتوقع أن يسهم هذا الميثاق في تعزيز حضور الطلبة المغاربة والمغاربيين في مؤسسات التعليم الأوروبية، ويفتح أمامهم آفاقاً أوسع للتكوين والبحث العلمي، ضمن رؤية أوروبية ترمي إلى بناء فضاء معرفي متوسطي متكامل يمتد حتى عام 2030.
المصدر: المفوضية الأوروبية
عن: maghrebemergent
اقرأ أيضا:شركات فرنسية تبحث عن مهنيي الصيانة المهرة في المغرب




