أصدرت شركة هينلي وشركاه أحدث نسخة من مؤشر هينلي لجوازات السفر لشهر أكتوبر 2025، والذي يُعد من أكثر التصنيفات الموثوقة في العالم لتحديد قوة جوازات السفر. يعتمد المؤشر على عدد الوجهات التي يمكن لحامل الجواز دخولها من دون تأشيرة مسبقة أو بالحصول على تأشيرة عند الوصول. ويكشف الإصدار الجديد عن استمرار هيمنة الدول الآسيوية والأوروبية على المراتب الأولى، في حين تواصل الولايات المتحدة الأمريكية تراجعها الملحوظ في هذا المجال.
بحسب التقرير، تواصل آسيا ريادتها من خلال تصدر سنغافورة المرتبة الأولى عالميًا بإمكانية الوصول إلى 193 وجهة من دون تأشيرة. وجاءت كوريا الجنوبية في المرتبة الثانية بـ190 وجهة، تليها اليابان في المركز الثالث بـ189 وجهة. أما أوروبا، فقد حافظت على مكانتها القوية في المراتب التالية، حيث جاءت ألمانيا، إيطاليا، لوكسمبورغ، إسبانيا وسويسرا في المركز الرابع بـ188 وجهة، تليها دول مثل فرنسا، النمسا، بلجيكا، والدنمارك في المركز الخامس بـ187 وجهة.
تُظهر النتائج أيضًا استمرار تقدم الإمارات العربية المتحدة التي دخلت قائمة العشرة الأوائل، متقدمة على العديد من الدول الغربية بفضل توسعها في اتفاقيات الإعفاء من التأشيرات. وبهذا، تشارك الإمارات والمملكة المتحدة ودول أخرى مثل كرواتيا وسلوفاكيا المرتبة الثامنة بإمكانية السفر إلى 184 وجهة.
أما الولايات المتحدة، فتراجعت إلى المركز الثاني عشر متساوية مع ماليزيا، إذ يتيح جوازها السفر إلى 180 وجهة فقط دون تأشيرة، مقارنة بمعظم الدول الأوروبية التي تتصدر القائمة. ويعكس هذا التراجع تحولًا في موقع الولايات المتحدة على صعيد العلاقات الدولية وسياساتها الخارجية. في المقابل، لا تزال الصين تحتل المرتبة الرابعة والستين مع إمكانية دخول 82 وجهة فقط دون تأشيرة، ما يعكس محدودية نفوذها في هذا الجانب رغم قوتها الاقتصادية المتصاعدة.
يرى محللون أن تراجع الولايات المتحدة يرتبط بشكل أساسي بعوامل سياسية داخلية وخارجية. ووفقًا لآني فورزهايمر، الباحثة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، فإن هذا التراجع “مرتبط بالسياسات الانعزالية التي اتبعتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة”، والتي انعكست على تراجع نفوذها الدبلوماسي. وتشير إلى أن القيود المفروضة على منح التأشيرات، خاصة لمواطني الدول الإفريقية والعربية، أسهمت في تقليص مكانة جواز السفر الأمريكي.
كما فرضت واشنطن مؤخرًا سياسات مالية جديدة على طلبات السفر، منها مضاعفة رسوم النظام الإلكتروني لتصاريح السفر (ESTA) من 21 إلى 40 دولارًا، وفرض ما يسمى بـ”رسوم سلامة التأشيرة” بقيمة 250 دولارًا لمعظم المتقدمين. كما تطلب من بعض المسافرين من إفريقيا ودول أخرى تقديم ضمان مالي يتراوح بين 5000 و15000 دولارًا لدخول الأراضي الأمريكية، وهو ما أثار انتقادات واسعة واعتُبر خطوة تحدّ من حرية التنقل.
من ناحية أخرى، يشير تقرير هينلي إلى أن التغيرات في ترتيب جوازات السفر لم تعد مجرد مؤشر على حرية السفر، بل أصبحت مرآة للعلاقات السياسية بين الدول. فكلما توسعت العلاقات الدبلوماسية وازدادت اتفاقيات الإعفاء من التأشيرات، ارتفعت قوة الجواز في التصنيف العالمي. أما الدول التي تتجه نحو الانغلاق السياسي أو تشديد الإجراءات، فتشهد تراجعًا في هذا المؤشر.
ويؤكد التقرير أن أوروبا لا تزال صاحبة الحضور الأقوى، حيث تستحوذ على ستة من المراكز العشرة الأولى، فيما تستمر آسيا في ترسيخ موقعها في القمة بفضل استراتيجياتها الدبلوماسية المنفتحة. ويعكس هذا الاتجاه اتساع الفجوة بين الدول ذات العلاقات المتعددة الأطراف وتلك التي تتبنى سياسات أكثر تحفظًا.
في المحصلة، يسلط مؤشر هينلي لجوازات السفر لعام 2025 الضوء على التحولات الجيوسياسية المتسارعة في العالم. فبينما تواصل دول مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية واليابان تعزيز مكانتها في قمة التصنيف، تواجه الولايات المتحدة مرحلة من الانعزال السياسي الذي انعكس على قدرتها في الحفاظ على نفوذها الدولي في مجال حرية التنقل. ويبدو أن التوازن العالمي في مجال السفر يتجه تدريجيًا نحو الشرق، حيث باتت جوازات السفر الآسيوية رمزًا جديدًا للقوة الدبلوماسية والانفتاح العالمي.
المصدر: visasnews.com.
اقرأ أيضا:فرنسا تتصدر الدول الأوروبية المانحة لتأشيرات شنغن للمغاربة